Download Free Audio of الفصل الأول في التعريف به و... - Woord

Read Aloud the Text Content

This audio was created by Woord's Text to Speech service by content creators from all around the world.


Text Content or SSML code:

الفصل الأول في التعريف به و بمولده و أبويه و نسبه و عشيرته الأقربين إليه فأقول و بالله التوفيق هو رضي الله عنه من العلماء العاملين و الأئمة المجتهدين، و ممن جمع شرف الجرثومة و الدين، و شرف العلم و العمل و الأحوال الربانية الشريفة، و المقامات العلية و الهمة العالية السماوية و الأخلاق الزكية الرحمانية و الطريقة السنية ، و العلم أللدني و السر الرباني النافذ التام و الخوارق العظم و الكرامات الجسام، القطب الجامع، و الغوث النافع، الوارث الرحمان، و الإمام الرباني ، من أقامه أللهفي وقته رحمة بالعباد، و بركة و نورا في البلاد موقع نظره من خلقه و خزانة سره و مظهر نفوذ تصرفه، و منبع مدده فياض المدد و الإمداد ، كثير النفع للعباد، عنده الكيمياء الخاصة التي تقلب الأعيان، و تحيل نحاس النفوس إبريزا في أقرب زمان، فيصير ظلامها نورا، و حزنها سرورا، و تميط خبث شهواتها و تلطف كثافتها، فانتفع به جل العباد في أقطار البلاد بمدده الرباني، و سروده الشريف المحمدي الصمداني، من غير مجاهد و لا تعب بمحض فيضه و فضله الرحمان، القدوة الهمام مصباح الزمان و عين الأعيان، بحر التوحيد الكامل المحقق الواصل العالم بالله، الناصر لسنة رسول الله، ذو السيرة النبوية و الأخلاق المحمدية، بحر التوحيد و معدن التفرد، أوارث الجامع المربي النافع الدال على الله بحاله و مقاله، الداعي إليه بإذنه بخلاله و فعاله، صدر الصدور الفياض النور ذو الآيات الظاهرة و الكرامات الباهرة الحجة، الأعمدة شهاب الدين سيدنا أبو العباس أحمد، ولد رضي الله عنه سنة خمسين و مائة و ألف بقرية عين ماضي، و نشأ بها في عفاف و أمنة، و حفظ و صيانة، و تقي و ديانة، محفوظا بحفظ الله سبحانه، محروسا بالعناية محفوظا بالرعاية، كريم الأخلاق و الخلال، طيب النفس و الفعال، كثير الحياء و الأدب، جميل المراقبة و الطلب، مقبلا على الجد و الاجتهاد، مائلا إلى الرشد و الانفراد، متطلبا للدين و سنن المهتدين، مشتغلا بالقراءة معتادا للتلاوة حسن السمة، طويل الصمت كثير الوقار و الحياء، حسن الخلق و الخلق، عالي الهمة متواضعا، معظما عند الحاجة و العامة، حفظ القرآن العظيم في صغره حفظا جيدا في سبعة أعوام، على ما أخبر عن نفسه رضي الله عنه، من رواية نافع على الشيخ، العالم الصالح الأستاذ أبي عبد الله سيدي محمد بن حمو التجاني، و قرأ هو رضي الله عنه، على شيخه سيدي عيسى بعكاز المضاوي التجاني، و كان رجلا صالحا مشهورا بالولاية، و كان مؤدبا للصبيان أيضا بالقرية المذكورة، و قد ذكر أنه رأى رب العزة في النوم و قرأ عليه القرآن، برواية ورش من أوله إلى آخره، فقال له ربه : هكذا أمظل و حصل على يديه النفع في قراءة القرآن، و توفي سيدي محمد بن حمو عام اثنين و ستين ومائة و ألف، ثم بعد حفظه القرآن اشتغل بطلب العلوم الأصولية و الفرعية و الأدبية حتى رأس فيها، و حصل معانيها، فقرأ على شيخه العالم العلامة العارف بالله الدارة سيدي المبروك ابن بعافية المضاوي التجاني، قرأ عليه مختصر الشيخ خليل و الرسالة و مقدمة ابن رشد و ألأخضري، ثم تمادى في طلب العلم زمانا ببلده حتى حصل من العلوم ما انتفع به، و كان يدرس و يفتي، ثم مال رضي الله عنه إلى طريق الصوفية و المباحثة على الأسرار الإلهية حتى تبحر في فهم علومها و الأحوال و المقامات و العلل، و الوقت و الحال، و له أجوبة في فنون العلوم فأبدى فيها، و أعاد و حرر المعقول و المنقول، و أفاد ثم اشتغل بالطاعة و حببت إليه العبادة، و تاقت همته بالزهاد، فكان كثير القيام في الليالي المتطاولة، حتى إذا بلغ الأشد أشده الله تعالى بسابق عنايته لما أراد به من كرامته فصار رضي الله عنه يدل على الله و ينصح عباد اله، و ينصر سنة رسول الله، و يحيي أمور الدين و قلوب المؤمنين بما منحه الله من المعارف و الأسرار و البركات و النوار، فأحيى الله به البلاد و نفع به الحاضر و ألباد، و انتشرت على يديه أمور السنة المدنية، و أشرقت آياته المبينة فهو رضي الله عنه قوي الظاهر و الباطن، كامل النوار و المحاسن، على المقام راسخ التمكين و المرام، متصفا بكمال الإرث من رسول الله صلى الله عليه و سلم، بهي المنظر جميل المنظر،منور الشيبة عظيم الهيبة، جليل القدر شهير الذكر، ذو صيت بعيد، و علم و حال مفيد، و كلمة نافذة في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، عائدة و إظهار السنة و إخماد البدعة، يضرب به و بداره المثل في إحياء السنة و إتباع الدين، فهو جدير بأن يلقب بمحيي الدين، صاحب وقته و فريد عصره، و قد أحيا الله به سنن مغربنا بعد دروس آثارها، و خمود أنوارها، فانتشر به الهج و الفقر بذكر اله و الصلاة على رسول الله نسأل الله تعالى أن ينظمنا في سلكه و في دائرة حزبه بجاه حبيبه و نبيه سيدنا محمد و آله و صحبه، و أبوه رضي الله عنه هو الشيخ الإمام كهف الإسلام و ملاذ الأنام العالم الشهير الورع الكبير الدال على الله و الجامع عليه و الداعي بحاله و مقاله إليه حجة العلماء العالمين، و حجة السالكين المسترشدين: أبو عبد الله، سيدي محمد بالفتح ابن المختار، و كان عالما ورعا متبعا للسنة، مدرسا ذاكرا، و كانت تأتيه الروحانية، يطلبون منه قضاء حوائجه، فكان يمتنع منهم و يقول اتركوني، بيني و بين الله لا حاجة لي بالتعلق بسوى الله تعالى. كنا متعلقا بالله، قائما بالحق لله في سائر حركاته و سكناته، لا تأخذه لومة لائم في الله، و كان له بيت في داره لا يدخله احد لذكر الله، توفي رضي الله عنه: سنة ست ة ستين و مائة، و ألف بالطاعون رحمه الله تعالى عليه، و أمه رضي الله عنها : هي السيدة الفاضلة الزكية الكاملة الطيبة المطهرة الخيرة المنورة، ذات الأخلاق الكريمة و السيرة المستقيمة، معنية بأمر الدين ماسكة بحبله المتين، لها من الصلاح مكانة علية و مرتبة سنية، و حظ عظيم من البر و الإحسان، و التفضل و الامتنان، فكانت رحمها الله كثيرة الإرضاء و البرور لوالده مع سعيها المشكور، بالغة في ذلك الغاية و واصلة فيه حد النهاية، قائمة بأداء حقوق بعلها، الشيخ سيدي محمد رضي الله عنه، مطيعة لأمره و كلامه، شديدة الاعتناء بشأنه و مرامه، تتحرى مراده، و تهتم بما أراده، تجل قدره و تعظم أمره، و تراعي فيه حق مولاه، و ما حق له و أولاده، قوالة للحق، ناصحة للخلق، محافظة على الدين و سنن المتقين، تحمل أولادها و أقاربها عليه، و ترشدهم بالتي هي أحسن عليه، كثيرة النصح لهم، و الرحمة بهم، كثير الأذكار و الصلاة على النبي المختار، مواظبة عليها آناء الليل و النهار، و والى عليها من رحمة العزيز الغفار، رضي الله تعالى عنها و أرضاها، و جعل الجنة مثواها و مأواها، هي الحرة النفيسة السيدة : عائشة بنت السيد الأثيل الولي الجليل ذي البركة الغزيرة و الأنوار، أسكنه الله مع الأبرار، و والى عليه المنة و الرضوان : أبي عبد الله سيدي محمد بالرفع ابن السنوسي التجاني المضاوي، و توفيت رضي الله عنها في يوم واحد مع زوجها بالطاعون، و دفنا معا بعين ماضي بالتاريخ المذكور، و لهما رضي الله تعالى عنهما أولاد غير سيدنا رضي الله عنه ذكورا و إناثا، و ماتوا كلهم رحمهم الله، فلم يترك منهم إلا سيدي محمد ولدا، و بنتا فحازهما سيدنا رضي الله تعالى عنه. و أما نسبة رضي الله تعالى عنه: فجده لأبيه، رضي الله عنه، هو السيد الأصيل النزيه الجليل، ذو المروءة و الصيانة، و الحسب و المكانة، و الديانة و الأمانة، سيدي المختار بن أحمد، كان رحمه الله زكيا خيرا مرضيا، جوادا فاضلا وفيا كاملا، عالي الهمة و نبيه الشأن، من أكابر الأعيان و أفاضل الزمان، يصل الرحم و الأقارب، و يواسي الجيران و الجانب، كثير السخاء شديد الحياء، رضي الله تعالى عنه و أرضاه، و جعل الجنة مأواه، و أما جده الثالث: فهو السيد الأصيل النزيه الجليل، العلامة الحفيل عالم العلماء و أمير الأمراء، جليل القدر عظيم الخطر، صاحب الحال القوي، و المدد الروي، و النور السني و الهدى المبين، و الحزم المتين، و البصيرة الصحيحة، و الأقوال الصريحة، و الهيبة و الوقار ن و الإجلال و الإكبار، الزاهد الورع، الناصح المتبع، أبو العباس سيدي أحمد بن محمد بالفتح، و رباع الأجداد لسيدنا رضي الله تعالى عنه ك هو الشيخ الولي المكين العلي، ذو النور اللائح، و الجذب الواضح، و المحبة الصادقة و الهمة السابقة، و التوكل على الله، و الرضا عن الله، و النهي القويم و الخلق الكريم، و قد حكي عنه رضي الله تعالى عنه: أنه كان له بيت في داره لم يدخله احد غيره، و كان إذا خرج من داره للمسجد يتبرقع و لا يرى احد وجهه، و لا يكشف عن وجهه إلا إذا دخل المسجد، ثم إذا رجع إلى داره، عاد إلى ستر وجهه حتى يدخل لخلوته، و قد سألت الشيخ رضي الله تعالى عنه عن سبب ستر وجهه عن الناس، فأجاب رضي الله تعالى عنه بقوله: لعله بلغ مرتبة في الولاية، فإن بلغها يصير كل من رأى وجهه لا يقدر على مفارقته طرفة عين،و إن فارقه و تحجب عنه مات لحينه، و هو ممن أدرك هذا السر، و هو اثنان و سبعون علما من العلوم المحمدية،و مكث فيها ثلاثة و عشرين سنة، يستر وجهه عن الناس للعلة المذكورة. قلت : لسيدنا رضي الله عنه هذه المرتبة : هل هي خاصة بمفاتيح الكنوز، أو يشاركهم فيها غيرهم؟ قال رضي الله عنه: لبل هذه الحالة المذكورة لغيرهم من العارفين، و أما القطب و مفاتيح الكنوز فلا يستترون لكمالهم، و لعل السيد المذكور أدرك هذه المرتبة، فكانت هي سبب ستر وجهه عن الناس، و هذا السيد رضي الله تعالى عنه، هو الذي وفد أولا لعين ماضي، و توطن بها، و بني و تزوج منهم، فكانوا أخوالا لسيدنا، رضي الله تعالى عنه، و لهذا ينتسبون للجانية، و ليس لهم نسب لأهل عين ماضي، بل غلبت عليهم الكنية و الشهرة لأجل مصاهرتهم لهم، و أما نسبه رضي الله تعالى عنه : فهو شريف محقق ، و يرفع نسبه إلى مولانا محمد الملقب بالنفس الزكية، ابن مولانا الحسن المثنى بن الحسن السبط ابن مولانا علي رضي الله عنهم، و نسبه رضي الله عنه مذكور في رسمهم عند أوائلهم، فلم يلتفت سيدنا لذلك لما هو عليه من الجد و الاجتهاد، و لم يكتف بما هو مذكور من الآباء و الأجداد نفس مشهود عن نسبه، و هل هو من البناء و الأولاد و من الآل و الأحفاد ظ فأجابه صلى الله عليه و سلم بقوله : أنت ولدي حقا، أنت ولدي حقا أنت ولدي حقا. كررها صلى الله عليه و سلم ثلاثا. و قال له صلى الله عليه و سلم: نسبك إلى الحسن بن علي صحيح: و هذا السؤال من سيدنا رضي الله تعالى عنه الوجود يقظة لا مناما، و بشره صلى اله عليه و سلم بأمور عظام و جسام، صلى اله عليه و سلم، و شرف و كرم و مجد و عظم. و أما عشيرته الأقربين إليه: فهم أولاد الشيخ سيدي محمد رضي الله تعالى عنه و هما: سيدي محمد المكنى بابن عمر، كان حافظا للقرآن العزيز، و مشاركا في علوم الشريعة، مبالغا في علوم الفرائض و الحساب، فمات رحمه الله بعين ماضي، و أخته و شقيقته السيدة رقية رضي الله عنها فكانت أكبر سنا من سيدنا رضي الله عنه ، و كانت تأتيه إلى منزله، و يكرمها و يواسيها و يرضيها، حتى بعثها لمكانها عين ماضي، فماتت و تركت ولدا اسمه عبد الله، حافظا للقرآن و مشاركا في بعض العلوم، و له باع في علم الحساب، و هو أصحاب سيدنا و أخذ عنه، و هو الآن بقيد الحياة بعين ماضي، فهؤلاء المعروفون عندنا من عشيرة شيخنا رضي الله تعالى عنه، ماتت رحمة الله عليها. و بالجملة فكل أولاد سيدي محمد رضي الله تعالى عنه نشئوا على أحسن حال و أكرم فعال و أطيب خليقة و أمثل طريقة، ذاهبون على مقتضى تربيته رضي الله عنه، من الخروج عن العوائد و المألوفات و الزوائد و التكلفات، و التواضع في أنفسهم و رفع الهمة عن أبناء جنسهم، قد اخذوا بأشياء من سيرة والدهم، و تخلقوا بها، و درسوا على سننها، و تحققوا بها : ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾[الطور: 21] و الله تعالى يجازي العباد على قدر أعمالهم و نياتهم،زادهم الله من فضله، و كان لهم بمنه و طوله .