Read Aloud the Text Content
This audio was created by Woord's Text to Speech service by content creators from all around the world.
Text Content or SSML code:
المسؤول عن مدرسة النجارة كان الأستاذ محمد جعفر حبيب. هذا الرجل كان فنانا موهوبا في مجاله. يجزم من عرفه أنه لم يخلق إلا ليكون أستاذا للأعمال الخشبية. فعندما يضع قلم الرصاص العريض خلف أذنه وأُنْمُله على خده، ويشرد ببصره بعيدا، فكل من يعرفه يعلم أن هناك فكرة تختمر في ذهنه وهي مؤشر لِمَولدِ شيء جميل. فغالبا بعد هذا تنتقل الصورة الذهنية من دماغه الى ورقة يتم شرحها للتلاميذ. مدرسة النجارة، علاوة على تدريب الطلاب على النجارة، كانت مسؤولة عن جميع الترميمات الخشبية في المدارس. في آخر السنة الدراسية كان الأستاذ محمد ومن المتقدمين (في دراستهم) من تلاميذه يقيمون حجم الإصلاح والترميم المطلوب ويقدمون كشفا بذلك للإدارة، التي بدورها توجد لهم طلباتهم. وتتم عملية التجديد التي غالبا ما تحتوي على الأبواب والشبابيك، والسبورات، واليافطات الخ. كان الأستاذ محمد رجلا يتعامل مع الأدوات والمعدات التي يعمل بها كأنها بشر: يخاف عليها ويحافظ عليها، ويغضب مَنْ أي شخص يسيء استخدامها. فأما تعامله مع تلامذته كان أمرا يستوقفني كثيرا. مدرسة النجارة كبقية الأقسام كانت تثري حفل آخر العام الدراسي بمنتوجاتها. من خزانات، ومقاعد، وطربيزات، وأشكال الحيوانات. وكانت المسؤولة عن تصميم وبناء خشبة المسرح التي تعرض عليها مسرحيات آخر العام. عرفت الأستاذ محمد عندما كنت طفلا. كنت أراه بعد الطابور يتجه بطلبته الى ورشته، عندما يتجه المعلمون الى صفوفهم وكنت أراه في آخر اليوم يجتمع مع بقية المعلمين، في ذلك اللقاء اليومي على الشاي أمام المكتب الكبير. وكنت أعرف أنه كان أستاذ النجارة. وعرفته أكثر كزميل عندما أصبحت مديرا للمدارس. كان للأستاذ محمد كاريزما خاصة؛ تفرض على من يتعامل معه أن يحترمه. مدرسة الحدادة، والتي كان يشرف عليها السيد المعلم أحمد بامشمش، الرجل البشوش، كانت في أبعد نقطة في الطرف الجنوبي من المجمع. وكان قريبا منها بئرا، كان فيه مولدا للكهرباء لإنارة المجمع بالليل. والأستاذ بامشمش كان مسؤولا عن تشغيل وصيانة هذا المولد، الذي كان يعمل في الليالي التي يكون الباشا فيها في حرقيقو، وفي المناسبات: مصل الأعياد والليالي التي كانت المدارس تقوم فيها بعروض سينمائية. قسم الحدادة كان يعلم الطلبة أموراً عدة مثل اللحام، وصناعة الأواني من صفائح الزنك. وكانت مدرسة الحدادة مسؤولة عن صيانة وترميم أي شيء معدني في المدارس. السيد أحمد بامشمش كان رجلا عجيبا. رغم أنه لم يكن من حرقيقو لم أر مثله، باستثناء النائب عبد الكريم، يعرف أهل البلدة وأسرهم وقبائلهم معرفة مذهلة. كان من الافراد الذين كانوا يحبهم الباشا والمقربين منه. وكما ذكرت لي الأستاذة الكبيرة فاطمة ردا. فهو الذي أقترح اسمها على الباشا ليعينها معلمة في مدرسة البنات: لأنها كانت كفؤ وصديقة زوجته الأولى. لأن السيد بامشمش الذي أحب حرقيقو وأحبته تزوج من أعرق عائلاتها. الرجل كان يتمتع بحب الجميع. حتى عندما ترك مدرسة الحدادة، والتي لم تستمر بعده، لم يترك حرقيقو. أتجه لتجارة الطواحين. وأنشأ طاحونة بامشمش للحبوب في البلدة