Read Aloud the Text Content
This audio was created by Woord's Text to Speech service by content creators from all around the world.
Text Content or SSML code:
قدمت ثلاثة من تلك الاناشيد القديمة، من إصدارة الكابلي، مسجلة بصوت الكابلي، كجزء من محاضرتي ْعن الباشا، في أستوكهولم، السويد، عام ٢٠١٦م. طرب بها من كانوا طلبة في مدارس حرقيقو في بداياتها. موضوع الفن، بصورة عامة، لم يكن بعيدا عن اهتمامات الباشا او المدارس. كما ذكر سابقا الباشا تاجر في المواد الفنية. وأذكر ونحن أطفال كانت هناك بقايا صناديق تحتوي على أسطوانات سوداء في مرآب سيارات الباشا الذي كان في مجمع المدارس. وحديثا سمعت الفنان الاريتري المعروف "برخت منجستآب" يذكر في مقابلة، بأن الباشا كان من النوادر الأول الذين أهتموا بالتراث والفن. هذا الاهتمام بدوره انعكس على الأنشطة الاجتماعية في البلدة؛ وكانت المدارس في قلب الفعاليات الفنية. فمن كبار الفنانين السودانيين الذين كانوا يترددون على مصوع في نهاية الاربعينيات وبدايات الخمسينيات، من القرن الماضي، كانا الفنان الحاج محمد أحمد سرور؛ وأستاذ الموسيقى الكبير الفنان إسماعيل عبد المعين. وكلاهما كانا علمين في تاريخ الفن السوداني؛ ومقربين من الباشا وكانا يزوران حرقيقو ويلتقيان ويساعدان المعلمين السودانيين في مدارس حرقيقو. الحاج سرور، الفنان الذي لا يناقش الفن السوداني دون ذكر اسمه، عاش آخر أيامه في اريتريا؛ مرض في مصوع، فأخذه الباشا الى أسمرا للعلاج، وتوفى ودفن في العاصمة الاريترية، أسمرا. أما الأستاذ عبد المعين، المبدع الذي أخذت البحرية الامريكية إحدى معزوفاته و "أمركتها" لتكون لحن مارش البحرية الامريكية الى يومنا هذا، والذي كان، كما يقال، من عشاق ضاحية "قرار" في مصوع، ترك بصمته في مدارس حرقيقو أيضا. الاستاذ إسماعيل لحن قصائد ثورية لمجموعة خريجي مدرسة المؤتمر في السودان. بعض هذه الاناشيد ومنها "للعلا" و "صرخة" ترنم بها تلاميذ مدارس حرقيقو طويلا، وكانت له وقفات جميلة من خلال زياراته الكثيرة لمصوع. والجدير بالذكر أن السودان حينها كان هائجا ضد الاستعمار البريطاني. فهل المعلمون السودانيون كانوا متأثرين بما كان يقوموا به زملائهم في بلدهم فتفاعلوا معه؟ أم الغليان الثوري كان ينتشر في المنطقة وكان من الطبيعي أن يزرعوا الثورية في تلاميذهم بصرف النظر عن الحدود التي تفصل بين الأخوة، فقط لتخدم المستعمر. و لكن السؤال لماذا سمح الباشا أن يكون دور مدارس حرقيقو ذلك الدور المركب الذي يعد لإشعال ثورة؟ كان الباشا يستمع للأناشيد الحماسية ويستمتع بها. ماذا عن العناصر الأخرى للمنهج؟ للمنهج مكوِّنات أساسية: الأهداف، والمحتوى، والأنشطة التعليمية المرافقة، والتقييم. هذه المكونات كانت موجودة بشكل او بآخر في فترة الأربعينيات، ولو على شكل بسيط. وأيضا يلاحظ أن الكتب التي كانت تستورد من بريطانيا ومصر والسودان، حسب ما كان متاحا، لم يكن اختيارها عشوائيا.