Download Free Audio of تطور المناهج في مدارس حرقيق... - Woord

Read Aloud the Text Content

This audio was created by Woord's Text to Speech service by content creators from all around the world.


Text Content or SSML code:

تطور المناهج في مدارس حرقيقو يمكن أن يقال كان للمنهج مرحلتان أساسيتان قبل وبعد الهيمنة الاثيوبية على التعليم في اريتريا: المرحلة الأولى (١٩٤٤م –ـ ١٩٥٤م) مرحلة تحديات كانت تتمثل في تصميم المنهج وإعداده، و البدء به. أما المرحلة الثانية (١٩٥٤ـ١٩٧٦م) وهي مرحلة الصراع من أجل البقاء على مبادئ المدارس، رغم منهج غريب مفروض على المدارس من قبل الدولة: منهج يفتقر للأهداف التربوية الملائمة للمستفيدين؛ منهج لا يراعي طموحات ورغبات المجتمع فلننظر خطفا للمرحلتين، دون إسهاب، لأننا سنعود الى تفاصيل قضايا المنهج مراراً. المرحلة الأولى (١٩٤٤م –ـ ١٩٥٤م) كانت تتمثل في تصميم وإعداد منهج، وبدء العمل به. في عام ١٩٤٤م الاستاذ ساتي أدرك أن أساس تصميم المنهج هو واقع مجتمع الطفل، والاجماع على محتوى معرفي ومهاري يلبي حاجة الطفل. ولهذا استوردت المدارس الكتب والموارد الأخرى ولكنها لم تستورد المنهج. حتى محتوى النصوص كانت تعدل لتصبح صناعة محلية. وبذلك كان التحدي في سياقة المحتوى وترويضه وتدريسه. والبعد الآخر للتحدي كان في كيفية تنفيذ الأجندة الوطنية للمدارس دون الاصطدام بالقوى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المختلفة والتي كانت سائدة حينذاك. ولهذا كان تنفيذ المنهج يتطلب الكثير من الحكمة والدهاء. وخير شاهد على هذا كان برنامج الاناشيد والمحفوظات الذي كان مسؤولا عنه الاستاذ طيفور، الى عام ١٩٥٢م. وخير مثال من الاناشيد التي ألفها الاستاذ طيفور، تلك التي كانت لأفراد العائلة المالكة لأثيوبية ونشيد العلم الاثيوبي. خضر مزارعنا ... صفر معادننا حمر معاركنا ... والله يحمينا فأي فاحص بقدر بسيط من التعمق لنشيد العلم الذي يفسر ألوان العلم الاثيوبي... يرى عبقرية الاسلوب. هنا أمران: أولا فكرة النشيد مقتبسة من قصيدة كانت مقررة في مادة المحفوظات: سَلي الرماح العوالي عن معالينا، واستشهدي البيض هل خاب الرجا فينا لما سعينا ما رقت عزائمنا عما تروم ولا خابت مساعينا إنا لقوم أبت أخلاقنا شرفا أن نبتدئ بالأذى من ليس يؤذينا بيض صنائعنا، سود مواقعنا، خضر مرابعنا، حمر مواصينا لا يظهر العجز منا، دون نيل منى .. و لو رأينا المنايا في زمانينا كان المعلمون السودانيون يمتلكون الدهاء والقدرة على التمويه والخداع: مهارات اكتسبوها من تجربتهم مع المستعمر الإنجليزي في السودان. الحنكة كانت في فن زرع قيم وبناء فكر على شكل كبسولة الدواء المغلفة بالسكر. كانت القصيدة، وكان النشيد. الأطفال حفظوا القصيدة وحفظوا النشيد: فماذا كانت النتيجة؟ في النهاية نسوا النشيد.. وقادوا ثورة! المنهج حزمة عمليات مركبة ومتداخلة تنتهي بمنتوج سبق التخطيط له، بشرط أن يكون ربان المنهج ماهرا، ويجيد لعبة المنهج الخفي أو المستتر. وسوف نأتي الى موضوع المنهج الخفي لاحقا. المرحلة الثانية (١٩٥٢ـ١٩٧٦م) مرحلة الصراع من أجل البقاء على مبادئ المدارس رغم منهج غريب كان مفروضا على المدارس من قبل الدولة.. منهج يفتقر لأهداف تربوية ملائمة للمستفيدين؛ ولم يكن يرقى ليلبي طموحات ورغبات المجتمع. مجرد تذكير: الحديث هنا عن خطأ فادح حدث، على مستوى اريتريا، في حقبة الاتحاد الفيدرالي. أي في فترة كانت فيها لأريتريا حكومة وكان لها نظاما تعليميا مختلفا عن نظام التعليم في اثيوبيا. رأي مستشارو الإمبراطور هيلي سيلاسي ان توحيد المناهج الدراسية بين البلدين وفرض اللغة الأمهرية على الحكومة الإريترية يسهل عملية دمج البلدين. ربما نظريا كان ذلك ممكنا! وربما لو كان في ظروف مختلفة في بلد له خلفية غير خلفية اريتريا السياسية والاجتماعية. ولكن الأسلوب لم يكن سهلا ولا ممكنا مع الاريتريين. . أقل ما يقال عن المنهج الاثيوبي الذي فرض على المدارس الإريترية، أنه كان يتعارض مع تطلعات الشعب الاريتري عامة، والمجتمع المحلي خاصة، بسبب افتقاره إلى الواقعية والشمولية. وبذور حتمية فشله كانت في عجزه في سد الفجوة بين هوية الاريتريين وتطلعاتهم من ناحية، وما صمم المنهج لتحقيقه من ناحية أخرى. في الخمسينيات التحدي كان حول الحفاظ على الهوية وإعداد شباب يحرر البلد من شتى القيود؛ ومن ثم البحث عن البدائل، حتى لو أستدعى ذلك تهريب الطلبة الى بلاد الجوار للتعلم (كما سنرى لاحقا). استمر الدفع الذاتي المتبقي من حماس الخمسينيات الى الستينيات، على الرغم من الضغوط الهائلة التي تم ممارستها على أمناء المدارس ورئيسهم، مما جعلهم يرضخون بعض الشيء؛ ويبحثون عن حلول داخلية بدلا من إرسال الطلاب إلى الخارج. في السبعينيات التحدي كان على الصمود والمثابرة وعدم الاستسلام وعدم التفريط في أمانة السلف، وما تبقى من كرامة للمدارس. وفي نفس الوقت كان الصراع من اجل إثبات الذات بالنجاح في تطبيق المنهج المفروض دون التأثر به. وسيأتي شرح هذه النقطة في الفصول التي تروي أحداث الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. الخلاصة: في جميع مراحل حياة المدارس كان المنهج الشغل الشاغل لمسؤوليها ومدراؤها. . ****** عودة الى المرحلة الأولى للمنهج .. عمد وركز منهج مدارس حرقيقو في زرع حب الوطن وترسيخه في أذهان التلاميذ. وشلالات المحفوظات والأناشيد خير شاهد على ذلك. ذكر بعض الامثلة قد يوضح الصورة أكثر. مثال: انشودة” بلادي بلادي“ للشاعر مصطفى صادق الرفاعي التي لا تخلو منها ذاكرة أي تلميذ درس في مدارس حرقيقو في خمسينيات وستينيات القرن الماضي: بلادي بلادي فداك دمي - وهبت حياتي فدى فاسلمي غرامك أول ما في الفؤاد - ونجواك آخر ما في فمي سأهتف باسمك ما قد حييت -تعيش بلادي ويحيا الوطن بلادي بلادي إذا اليوم جاء - ودوى النداء وحق الفداء فحيي فتاك شهيد هواك - وقولي سلاما على الأوفياء سأهتف باسمك ما قد حييت - تعيش بلادي ويحيا الوطن وكنت أظن الى أن دخلت الثانوية أن نشيد "بلادي بلادي" النشيد الوطني لأريتريا! في الحقيقة الأناشيد في مجملها كانت وطنية؛ وبعضها كان من تلحين الموسيقار العبقري السوداني إسماعيل عبد المعين، مثل "للعلا" التي هي من كلمات خضر حمد: للعلا للعلا... للعلا وابعثوا مجدنا الآفل واطلبوا لعلاه المزيد... للعلا ٭٭٭ أمة أصلها للعرب دينها خير دين يحب عزها خالد لا يبيد قد نفضنا غبار السنين ونهضنا بعزم مكين لنعيد فخار الجدود.. للعلا ونشيد "صرخة روت دمي" من كلمات محي الدين صابر صرخة صرخة روت دمي من كفاح ومنى واثارت هممي فاحتقرت المحنا ها هو الصبح بدى فليعش مؤتمري ... رمز مجد الوطن ... عاتيا كالقدر ... خالدا.. كالزمن وأي صوت من مغانيك الحسان ثائرا لم يدري ما معنى الهوان لسعد الدين فوزي اي صوت من مغانيك الحسان ثائر لم يدر ما معنى الهوان خالد كالمجد في قلب الزمان زاخر كالبحر ثوار المعاني ذلك الماضي لنا باسم حلو الجنى منه تنساب المني نحو ميدان جديد يا شباب البلاد يا خير الشباب وثبة الاحرار من غيل وغاب كابتسام الفجر من خلف الهضاب فالنقم يا صاحي كالأسد الغضاب ونشيد "يا كنارا" لمحمود أبوبكر حسن أحمد الملقب بالنسر، وتلحين الاستاذ الفذ ضرار صالح ضرار: يا كناراً قد تغنى في القفار ينشد الألحان آناء النهار في حقول القطن زاهي الاخضرار كل جيل سوف يروى.. ويغنى ويعيد يوم حاربناك يا جهل بعزم من حديد