Read Aloud the Text Content
This audio was created by Woord's Text to Speech service by content creators from all around the world.
Text Content or SSML code:
البراغماتية: وهي تجريبية على أساس التغيير، والديناميكية، والنسبية. تفسر المعرفة على أنها عملية يتغير فيها الواقع باستمرار. والتعلم يحدث عندما يشارك الشخص في حل المشاكل. ومهارات حل المشاكل، يمكن الاستفادة منها في مواضيع ومواقف ومواقع مختلفة. عند النظر إلى التفاعل بين المتعلم والبيئة، هناك تغيير مستمر، كما هو الحال مع التفاعل مع الخبرات. التدريس عملية استكشافية من كون انها تفسيرية وللتدريس سمة نقل المعلومة من مصدر الى مصب، الذي بدوره يكون مصدرا لمصب جديد. وهذا يستوجب إيجاد أساليب للتعامل مع التغيير والبحث العلمي بطرق ذكية. ففي مدارس حرقيقو، تدريب المعلمين، الحركة الكشفية المتطورة، ومسرح المدارس، وبرامج العروة الوثقى التثقيفية كانت أنشطة ”براغماتية“ بامتياز لكل من الأبعاد الثلاث ما لها وما عليها. فالعمل التعليمي الموفق هو ذلك الذي يوائم الثلاث في موازنة مريحة. فهل مدارس حرقيقو، في ذلك الزمن البعيد، تمكنت من ذلك دون أن يكون لها ما لدينا اليوم من معارف ومصادر؟ المذهل: نعم. وراء كل منهج دراسي مدروس فلسفة نابعة من عقائد ومعتقدات وقيم وحضارة وتقاليد، بل وطموحات المجتمع الذي وضع المنهج لخدمته. ولذلك عندما حددت سلطة المدارس المحتوى المعرفي والمهارى ووضعت جدولاً زمنياً للتلاميذ والمعلمين، كان ذلك على أساس فلسفة ما، سواء كانت معلنة أو خفية. وعندما تم إعداد خريطة لمسار الدراسة فذلك كان يمثل فلسفة بعينها تم اختيارها دون غيرها من مسارات كانت تنطوي على قيم مختلفة. فما هي الفلسفة التي استندت عليها وانطلقت منها مدارس حرقيقو؟ المنهج بين المرجعية الثقافية والسياسة قد يتبادر الى ذهن القارئ، اليوم، المناهج التعليمية التي خبرها، مثل آفاق فلسفات التعليم في الشرق والغرب المعاصرة؛ أو التعليم في اريتريا بعد التحرير. يجب هنا التذكير بأن النقاش يدور حول مدارس في مدينة اريترية، أفريقية، في أواسط القرن الماضي؛ حقبا قبل الاستقلال، وحقبا قبل ما آلت اليه التطورات التربوية اليوم. الفلسفة الغربية للتعليم، الأب الروحي للمدرسة العصرية في اريتريا، يرجع جذورها الى الحضارة اليونانية والرومانية، واليهودية والمسيحية. غير أن الوجه الحديث لهذه الفلسفة والممتدة الى منطقتنا تعود جذورها الى المسيحية والإسلام: الكنيسة والمسجد. وأخيرا للعولمة والأيدولوجيات السياسية- الاقتصادية لها ما لها في هذا الشأن أيضا. بالعودة الى عام ١٩٤٤م وخلفية إنشاء مدارس حرقيقو، يصح القول إن المنطقة التي فيها حرقيقو بالذات مرجعها الثقافي والعقائدي إسلامي سني صوفي. أما تركيبتها السكانية فأقل ما يقال عنها فهي موزاييك، يتسم بالثراء الاثني و القبائلي، إنصهر بالتعايش و التزاوج . هذا كانت له حصة الأسد في تشكيل فلسفة التعليم لمدارس حرقيقو. وهذا يبين سبب تمسك مدارس حرقيقو بتدريس الدين واللغة العربية. اللغة العربية لم تكن بغريبة على المنطقة، ولم تكن بمفروضة على المدارس. تحفيظ القرآن في الخلاوي والكتاتيب وتدريس الدين في المساجد، وتعليم مبادئ اللغة العربية في مدرسة يحي عثمان نائب (الملقب بحوطرو) كانت جميعها خدمات تربوية سبقت المدارس. وعلى الرغم من صغر أحجامها وبدائية أساليبها، مهدت الطريق لدور ودروب المدارس في حمل لواء اللغة العربية. هذا شكل ركيزة من ركائز منهج مدارس حرقيقو. رغم تمسك مدارس حرقيقو باللغة العربية والدين، فإنها لم تكن دينية صرف تختص بالعلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية لتخريج دعاة وقضاة وعلماء دين. بل ولم يكن منهجها معد لتخريج كوادر وموظفين وفنيين، على شكل المدارس الايطالية التي كانت تعد كوادر خدماتية. طموح الباشا كان يتجاوز ذلك بكثير. المنهج كان مصمما لتوجيه الطالب الاريتري لامتلاك سلاحي العلم والمعرفة ليحرر شعبه من آفات التخلف والجهل. في فهم الباشا، ومستشاريه من الحكماء، البلد كانت في حاجة إلى قيادات وطنية تخوض مجالات الحياة العامة، وتسهم في تحقيق مصالح الشعب والنهوض بواقعه. نظرتهم كانت تتجاوز حرقيقو، موطن المدارس. فلا القبلية ولا الاثنية ولا الاقليمية ولا الطائفية كانت مقياسا لقبول الطلبة في المدارس أو لابتعاثهم للخارج لمواصلة تعليمهم. ولذلك، منهج مدارس حرقيقو كان محكوما بهذا المبدأ. المعلمون السودانيون والكتب العربية الصادرة من بخت الرضا لتدرس في المدارس، علاوة على مباركة المجتمع والترحيب باللغة كان له دور كبير في إعطاء اللغة العربية فرصة التربع في موقع الصدارة في منهج المدارس، رغم انها لم تكن اللغة الاولى لمعظم الطلاب. ربما لم يكن مؤسس المدارس، الباشا كيكيا، مُلِمّاً بالتفاصيل الدقيقة للقضايا والتحديات التربوية التي كانت تواجه الاريتريين في تلك الفترة الانتقالية بين فترة الاستعمار والطموح لنيل الاستقلال؛ ولكنه لم يكن ليجهل واقع بلاده والتهديدات السياسية والاقتصادية والثقافة التي كانت تلوح في الافق. ما كان موجودا من زخيرة للبلد لمواجهة الخطر كما و كيفا لم يكن كافيا. بعبارة بسيطة، ناهيك عن أن يكون للبلد اناس يديرون شؤونها كدولة، لم يكن حينها حتى كادرا وطنيا جاهزا على مستوى التحدي، من أبناء البلد ليديروا المدارس او ليعلموا فيها. المنهج في مجمله كان محكوما بأهداف وفلسفة ورسالة المدارس. وهذا كان أمرا بديهيا. وعلى العموم يمكن أن تحدد أهداف المنهج على الشكل التالي: : ١. تزويد التلاميذ بالمهارات الفكرية والهمم العالية بطريقة شاملة ومتكاملة لإنتاج أناسا لديهم قدرات جسدية وتوازن نفسي على المستوى الشخصي والمهني؛ . ٢. غرس ورعاية الوعي الوطني من خلال تعزيز الأفكار والقيم والتطلعات لتشكيل الهوية الوطنية؛ ٣. إنتاج القوى العاملة بالمهارات اللازمة للتنمية الاقتصادية؛ ٤. غرس في التلاميذ القيم الأخلاقية الرفيعة وتعزيز الشخصية والشعور بالمسؤولية والانضباط، وتمكينهم تدريجيا من المساهمة بشكل فعال في بناء الوطن. ن.