Read Aloud the Text Content
This audio was created by Woord's Text to Speech service by content creators from all around the world.
Text Content or SSML code:
الطلاب أكثر الأطفال، الذين سجلوا عند فتح المدارس، كانوا من طلاب الخلاوي؛ ومجموعة منهم كانت قد تعلمت القراءة والكتابة. بعد تدريس المسجلين لفترة قصيرة، قسمهم المعلمون الى قسمين: قسم يواصل تعلم القراءة والكتابة، وقسم يطور مهارتي القراءة والكتابة بجانب الاستماع والتحدث. وهنا الحديث عن اللغة العربية؛ والتي كانت تحظى باهتمام كبير والتركيز على تقويتها، إلى درجة أنه كان يمنع بالتحدث بغيرها وخاصة داخل المدارس. أدخلت أيضا مواد أخرى مثل الرياضيات والعلوم. أما المعهد الديني، الذي بدأ مع بداية المدارس تقريبا فمهمته كانت تحفيظ القرآن الكريم وتدريس التربية الاسلامية. توسعت المدارس مع تزايد عدد الطلاب؛ فأصبحت لها صفوفا من التحضيري (ما قبل الصف الأول) للسادس. وأضيفت المرحلة المتوسطة لاحقاً. وكانت تدرس فيها الإنجليزية كلغة جنبا إلى جنب مع اللغة العربية والمواد الأخرى التي كانت تدرس بالعربية. المعلمون إصرار الباشا على إنجاح مشروع المدارس كان واضحاً، واستعداده لبذل كل جهد لتوفير موارد له كان جلياً. على رأس هذه الموارد، كان المورد البشري. فمن كان سيقوم بإدارة المشروع وتسيير مهامه: ماذا عمل بصدد إدارة المدارس وهيئة تدريسها؟ في غياب المعلم الجيد فلا فلسفة تعليم هادفة، ولا منهج ملائم يجدي. ففي معظم الأوقات مدارس حرقيقو كانت في الغالب تتمتع بمعلمين جيدين. ورغم هذا، كانت تواجهها تحديات في هذا المجال بين الحين والآخر. وكان أبرزها يتمثل في المؤهلات ومتطلبات المهنة. وكأي عملية تغيير وتطوير تتسم بالثورية، كالتي كانت مدارس حرقيقو قد اختارتها مساراً؛ فمن لم يكن يمتلك روح التفاني كان يمثل عبئاً على المدارس. والمدارس، في تاريخها، عانت من أمثال هؤلاء: هي الأخرى طريقها لم يكن مفروشا بالورد. اختيار الباشا الرعيل الأول من المعلمين كان موفقا. كيف؟ أول هيئة تدريس للمدارس قدمت من السودان. اختيار الباشا للمعلمين السودانيين كان له أربعة أسباب: ١) في الفترة التي فتحت فيها المدارس، اريتريا بأجمعها كانت تعاني من نقص حاد في المعلمين كمًّا ومهارةً. أغلب المنخرطين في سلك التدريس حينها كان دون المستوى الذي كان يطمح إليه الباشا. ٢) التعليم في السودان كان متقدما مقارنة بما كان عليه في بلاد الجوار، ما عدا مصر. والسبب، البريطانيون، على عكس الايطاليين كانوا يهتمون بالتعليم في مستعمراتهم. والسودان كان مستعمرة بريطانية. ٣) حضارياً وثقافيا السودانيون هم من أقرب الشعوب للإريتريين ٤) بعد عام ١٩٤١م العنصر السوداني كان موجودا في اريتريا بحكم الوجود البريطاني: فكان منهم الشرطي، والجندي، والموظف، و "حكيم الصحة الوقائي" الخ... وعلى العموم، السوداني في اريتريا مرحبا به لأنه شقيق. هناك روايتان حول كيفية اختيار المعلمين السودانيين والتعاقد معهم. الرواية الأولى تقول إن رجل أعمال سوداني اسمه الشيخ ابراهيم مقبول ساعد الباشا في عملية الاختيار وهو بدوره استعان بالشيخ بابكر بدري المعروف باهتمامه بالمدارس، وبنصرته لتعليم المرأة. وهو من فتح أول مدرسة للبنات في السودان، والتي أصبحت في عصرنا الحاضر جامعة الأحفاد؛ وموجودة الآن. . الرواية الثانية أن الذي ساعد الباشا في اختيار المعلمين كان صديقه السيد عبد الرحمن المهدي. فأي كانت الحقيقة، المدارس ابتدأت بأربعة معلمين سودانيين: الاستاذ ساتي محمد عبد القادر (كان خريج الأزهر الشريف)، مديرا الاستاذ محمد أحمد الهادي، معلماً. الاستاذ طيفور بابكر الديقوني، معلماً الاستاذ مصطفى الحسن عبد الحفيظ، معلماً السودان وقتها كان قد بدأ في جني ثمار معهد بخت الرضا. وهذا المعهد الذي يبدو للوهلة الأولى وكأنه أكاديمية استعمارية زرعها الانجليز في خلاء الدويم (في السودان)؛ غير أن السودانيين جعلوا منه منهجا لتدريب المعلمين في السودان.