Read Aloud the Text Content
This audio was created by Woord's Text to Speech service by content creators from all around the world.
Text Content or SSML code:
حرقيقــــــو البلدة المتمردة والثائرة على الظلم دائما مقدمة الفصل يتناول هذا الفصل بإيجاز شديد موقع حرقيقو الجغرافي والقليل جدا من تاريخها الحديث؛ وتأثير ذلك عليها وعلى المجتمعات الأخرى. إن نظرة خاطفة إلى التقلبات التي مرّت بها حرقيقو، من تقدم وتراجع، صعود وهبوط هي محاولة لاستخلاص الدروس والعبر عند النظر إلى المستقبل. وإلا فإن فصلًا في كتاب عن مدارسها لا يعطيها حقها إطلاقا. يذكر الفصل صمود شعب حرقيقو ومع أنّه لم يكن إلا إقرارا لحقيقةٍ، فإنّه قد يبدو أيضا مديحا.. ولا غرور في ذلك، فمثل حرقيقو يمدح، بل هي أحقّ بالمدح، والمشكلة ليست في المدح أو الاقرار، بل في سوء تفسير الغاية مما قيل أو كتب، وهنا لابد من التنبيه لشيء مهم، ألا وهو مصيدة الحساسية المرتبطة بذكر مزايا مكان معين، والذي، كع الأسف، تثير الشعور بأن هناك عملية مقارنة في الطرح، مما يجعل هدف المديح يبدو وكأنه التقليل من مكانة الأماكن الأخرى؛ وهذه سقطة يجب ألا تكون وألا نفكره فيها أصلا، فخوفا من هذه التهمة الكل يحجم من ذكر الجميل الذي يجب أن يذكر، فتطمس الحقيقة وتتلاشى.. يا ترى لمصلحة من؟ قد تختلف الآراء في المستفيدين، ولكن من المؤكّد أنّ المتضرر الوحيد هو الجيل الذي تحجب عنه الحقيقة. ولذلك يجب كسر وهم الخشية على مشاعر الآخرين من ذكر أمجاد أي مجتمع من مجتمعاتنا في أيّ بقعة من بقاع الوطن. الإقرارُ بأمجادِ أي مدينة أو منطقة اريترية يصب في مجمل أمجاد المدن والمناطق الاريترية الأخرى، والّذي يجب أن ينظر اليه كأمر مكمل، فلكل مجتمع من مجتمعاتنا بطولات نفتخر بها كلنا، وإخفاقات نتعلم منها كلنا. إنّ الأوطان تبنيها مُجتمعاتٍ متماسكةٍ، تدرك معنى الترابطٍ، والتعاضدٍ، والتكافُلٍ. فإنْ غاب أو غيب هذا الإدراك، قُضِي على قوّة، ومِنَعَة، وقدرة المجتمع ومات الوطن. نعم، عند ذكر أحداث تاريخية لابد من الموضوعية والحذر، فالنّاظر إلى الماضي والشّخص الّذي يشدّه الحنين إلى مكان ما، يجب ألّا يغفل عن العثرات والانتكاسات، في سبيل إبراز الأمجاد والبطولات وحدها؛ لأنه في الأخير لنا ضعف كما لغيرنا، وللآخرين بطولات مثل ما لنا، وبما أن التاريخ ليس علم الماضي فحسب، بل هو أساسُ الحاضر وبوصلةُ الطريق إلى المستقبل؛ فيجب أن تكون المعلوماتُ التي نغذي بها حاسوب البوصلة صحيحةً ودقيقةً حتى نحصل على إرشادٍ رشيدٍ. ولذلك من يستهدف تاريخنا؛ تاريخ الوطن أو أي جزء منه؛ (سواء بالتشكيك، والتشويه، والتشويش، والتهميش) يستهدفنا نحن من خلال تضليل أبنائنا. ليس بتضخيم ضعف الآخر وعيوبه (حقيقية أو مختلقة)، تبرز مزايانا، بل بتحديد مواطن الضعف الحقيقي فينا والتعامل معها. ولذلك ذكر أمجاد حرقيقو في هذا الفصل لا يقلّل من أمجاد أي مكان آخر، بل ربما يزيدها. والعكس صحيح أيضا.