Read Aloud the Text Content
This audio was created by Woord's Text to Speech service by content creators from all around the world.
Text Content or SSML code:
المقــــدمة هذا الكتاب في مجمله يعتبر: ١ استجابة لضغوط الأحباب والأصدقاء عليّ لأقدم ما عايشته عن مدارس حرقيقو، مهما اعتبرته بسيطا، إلى من يهمهم الأمر. في الواقع لم أكن لأقدم كتابا عن مؤسسة تعليمية في الوقت الذي تعج فيه الساحة الاريترية بمؤلفات كثيرة تقتل السياسة الاريترية بحثا وتحليلا... وأخرى تغرقها بالمذكرات الشخصية والسير الذاتية الثرية، لولا قناعتي بأن فهم الكل (أي كامل الشيء) يتطلب فهم أجزائه ومكوناته، وأنّ مدارس حرقيقو لم تكن كأيّ جزء أو مكوّن آخر، بل كانت رمزًا لفكر العمل الوطني لإسهامها في كل ما يمس إريتريا كوطن. ٢ مشاركة متواضعة في محاولة نفض غبار سنين النسيان عن مؤسسة تعليمية عظيمة غيبت قسرا، وعرض بعض الحقائق عنها للتذكير بما قامت به.. ٣ تقديم معلومة لمن لا يعرف عن مداوس حرقيقو ما يكفي، وخاصة الأجيال الجديدة التي لم تعاصرها؛ ولا سيما أنها لم تعط حقها من الذكر ناهيك عن توثيق دورها التاريخي وتكريمها. رغم أنها في نظر من خبروها كانت ولم تزل نموذجًا يقتضي به في خدمة المجتمع والبلد. ٤ كلمة وفاء وامتنان لمؤسس المدارس، المحسن الكبير صالح باشا أحمد كيكيا، رحمة الله عليه، رحمة واسعة وعرفانا بالجميل لكويكبات المعلمين والمعلمات التي تتالت على العمل فيها وقدمت أسمى ما يقدمه انسان للبشر والبشرية: العلم بشغف. السرد الحديث عن مدارس حرقيقو لا يكتمل دون التطرق إلى حرقيقو البلدة موطن المدارس، بل وحتّى دون التطرق إلى الخلفية التاريخية، والجيوسياسية، والاقتصادية لإريتريا، ولو بإيجاز مع أنّ الأمر ليس سهلا، ولا سيما أنني لست بمؤرخ لأفي الأحداث حقها؛ ولست بسياسيّ لأصيغ طرحا يتماشى مع لغة السياسة وفهم الساسة والاقتصاد له أهله وبما أنّني تربوي فتركيزي محصور على تاريخ التعليم في منطقة مصوّع، ومن ثم إريتريا، (أي قبل تشكيل إريتريا وبعده)، كخلفية لتطور الأحداث التي أثرت على مسيرة مدارس حرقيقو عبر تاريخها. مراحل قصة مدارس حرقيقو تشبه إلى حد بعيد مراحل النهار: من الفجر ثم الشروق، مرورا بالضحى والعصرية، وانتهاء بالغروب والليل، ليل حتما سينجلي ليأتي بعده يوم جديد، إن شاء الله، لذلك وجدت تقسيم المحتوى إلى مراحل زمنية، محاكاة لمراحل اليوم، لسرد الأحداث في تسلسل منطقي هو الأنسب. سيجد القارئ الكريم السرد يميل أحياناً إلى الأسلوب القصصي، والّذي أعتبره محاولة لكسر الجمود والهرب من الملل الذي يصاحب عادة رصد الحقائق والوقائع. وأيضا للتذكير ضمنا بأن الكتاب ليس سفر تاريخ؛ ولا جدول زمني تقابله قائمة أحداث جرت! صعوبة جمع المعلومات مرت مسيرة مدارس حرقيقو، من ١٩٤٤م الى ١٩٧٦م بمحطات كثيرةً. ولكلّ محطة قصة مثيرة تستحق التوقف عندها وإعطائها حقها من الشرح والتحليل. غير أنّ تناول تجربة زاخرة بالنشاط والعطاء؛ امتدت لأربعة عقود، شهدت ثلاثة عهود (عهد الإدارة البريطانية، عهد الاتحاد الفيدرالي، عهد الهيمنة الإثيوبية) مهمة شاقة، مثقلة بالمسؤولية. ومما فاقم المشقة كان غياب الوثائق، وانتقال الكثير ممن عاصروا بدايات المدارس إلى دار الخلود، رحمهم الله، واضمحلال ذاكرة معظم من تبقى منهم بمفعول المعاناة والسن. ولهذا لم تكن عملية جمع المعلومات بالأمر الهيّن. فلكم تمنيت لو كانت بحوزتي يومياتي التي كنت أوثّقها عندما كنت مديرا للمدارس، ولكم تمنيت لو أقدمت على كتابة هذا الكتاب وأنا في البلد حيث كان معظم من فقدناهم معنا. فلا بقت المذكرات ولا الذاكرات! ومن الأمور المهمّة التي وجدت صعوبة في الحصول عليها، وساهمت في تأخير إصدار هذا الكتاب: كانت الحصول على الصّور فبالرّغم من محاولاتي ومحاولات بعض الإخوة المهتمّين بالموضوع، ولأسباب مختلفة تتراوح بين المضحك والمبكي؛ ظلت بعض الأسماء والأماكن والمناسبات المهمة غير مصحوبة بالصور.. الاعتذار